إنَّ أول مَنْ سَنَّ سُنَّة وَضْع الحديث على لسان رسول #الله ﷺ هم #شيعة بني #هاشم على اختلاف طوائفهم، #العلويّة منها و #العباسيّة، وكان أول باب من أبواب الوَضْع هو (فضائل الأشخاص)، فقد بدأ هؤلاء بوَضْع الأحاديث الكثيرة في فضائل أئمتهم ورؤساء أحزابهم، قبل أن يتسع نطاق الوَضْع ليشمل تأييد بعض الفرق والآراء السياسية، فضلاً عن بعض الأغراض الفاسدة الأخرى.
وكانت العراق أول بيئة نشأ فيها الوَضْع، كما أشار إلى ذلك أئمة الحديث والتاريخ، فقد سمّى الإمامُ مالك العراقَ “دار الضَّرْب”، أي المكان الذي تُضْرَب فيه الأحاديث وتخرج إلى الناس للتعامل، كما تُضْرَب أو تُسَكّ النقود وتوضع في سوق التداول.
قال عبدُ الرحمن بن مَهْدِيّ للإمام مالِك: «يا أبا عبدِ الله سَمِعْنَا في بَلَدِكُم (أي في المدينة المنورة) أربعمائة حديثٍ في أربعينَ يوماً، ونحن (أي في العراق) في يومٍ واحدٍ نَسْمَعُ هذا كُلَّه!»، فقال له: «يا عبدَ الرحمن، ومِنْ أين لنا دَارُ الضَّرْب؟! أنتم عندكم دَارُ الضَّرْب تَضْرِبُونَ بالليل وتُنْفِقُونَ بالنهار» [1].
وقال الإمام مالك أيضاً: «نَزِّلُوا أحاديثَ أهل العراق مَنْزِلَةَ أحاديث أهل الكتاب، لا تُصَدِّقُوهُمْ ولا تُكَذِّبُوهُمْ» [2].
وقال ابنُ شِهاب الزُّهْرِيّ: «يا أهلَ العراق، يَخْرُجُ الحديثُ مِنْ عِنْدِنا (أي من المدينة المنورة) شِبْراً، ويَصِيرُ عِنْدَكُم ذِراعاً» [3].
وقال عبدُ الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما لجماعة من أهل العراق جاؤوا يسألونه أن يُحَدِّثَهُم: «إنَّ مِنْ أهلِ العراق قوماً يَكْذِبُونَ ويُكَذِّبُونَ وَيَسْخَرُون» [4].
رَوَى البخاريُّ في صحيحه أنّ رسول الله ﷺ قال: «بَلِّغُوا عَنِّي ولَوْ آية، وحَدِّثُوا عن بني إســرائــيــل ولا حَرَج، ومَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النار».
المراجع:
[1]،[2] منهاج السنة النبوية، شيخ الإسلام ابن تيمية، الجزء 2، صفحة 467-468، تحقيق: محمد رشاد سالم، صدر عن جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، الطبعة الأولى 1986م.
[3] سِيَر أعلام النبلاء، شمس الدين الذهبيّ، الجزء 5، صفحة 344، صَدَرَ عن مؤسسة الرسالة في بيروت، الطبعة الثانية 1982م.
[4] الطبقات الكبير، ابن سعد، الجزء 5، صفحة 89، تحقيق: علي محمد عمر، صدر عن مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الأولى 2001م.