إنَّ مُصْطَلَح "النَّصْب و النَّواصِب" مُصْطَلَحٌ من اختراع #الشيعة لا علاقة لأهل #السُّنَّة به، وقد كان المُتَقدِّمُون مِنَ السَّلَف يَعْرِفُون #الرَّافضيّ بإطلاقِه هذا اللفظ على #المسلمين .
قال الأستاذ بدر ناصر العَوَّاد:
«مصطلح النَّصْب مصطلح حادث لا أصل له في كتاب الله ولا في سنة #النبي ﷺ ولا عن أحدٍ من #الصحابة رضي #الله عنهم، كما أنه لم يَرِد في كلام أي من المتقدمين الذين أرَّخوا للفتنة وتناولوا أحداثها ابتداءً بمقتل الخليفة #عثمان ومروراً بالحروب التي نشبت بين أهل #العراق وأهل #الشام .
وعلى الرغم من صعوبة تحديد زمن ظهوره بدقة باعتباره مصطلحاً ذا مفهوم معين إلا أنه يمكن الجزم بأنّ ولادته كانت على أيدي الشيعة، وذلك للأسباب التالية:
١- أنَّ أقدم النُّصوص التي اسْتُخْدِم فيها مصطلح النَّصْب هي لبعض الشيعة.
٢- أن بعض المتقدمين من أئمّة السُّنة جعلوا جَرَيَانَهُ على لسان إنسانٍ ما علامةً على رافضيَّته، مما يعني في عُرْف هؤلاء ارتباطَه بفكر الشيعة واختصاصَهم باستعمالِه بدلالة الإطلاق وعدم التفصيل.
٣- أنَّ اختلاف الناس حول (إمامة عليّ) وتباين مواقفهم تجاهه مسألةٌ استولت على أكبر حيِّزٍ من اهتمام الشيعة وألقت بظلالها على الذهنية الشيعية قديماً وحديثاً، مما لا يبعُد معه -والحالةُ هذه- أن يكون اختراعُ هذا المصطلح تم على أيديهم وفي هذه الظروف ليَسِمُوا به كلَّ مخالف وجدوا في آرائه مناكفةً لما يعتقدونه.
ولعل أقدم نَصَّ ذُكِرَ فيه (النَّصْب) -لا بحسب مصادر أهل السُّنَّة- هو قول السَّيِّد الحِمْيَرِي:
وما يَجْحَدُ ما قد قُــلْـــــ ـــتُ في السِّبْطَيْنِ إنسانُ
وإنْ أَنْكَرَ ذو الـنَّـصْـــــبِ فَعِنْـــــدي فيهِ بُرْهَـــــانُ
وإذا كانت وفاةُ السَّيد الحِمْيَرِي بين عامي (۱۷۳) و (۱۷۹) من الهجرة فالمترجّح أن ولادة هذا المصطلح الجديد تمت في القَرْن الثاني، ولكنه لم يشتهر بل ظَلَّ استعماله محدوداً.
وإذا ما صَحَّ كونُه شيعيّ النَّشأة فإنّ مِن المعلوم أنه لا بد لأي مصطلح تعارف عليه الناسُ أن يَمُرَّ بأكثرَ مِن مرحلة، وهذا ما سنحاول تتبعه عند أهل السنة.
والذي يظهر أنه لم يَدْخُل إلى دائرة أهل السنة إلا في القرن الثالث الهجري، ذلك أن أقدم النصوص التي جرى فيها استخدامه على لسان أحد الأئمة كان لابن المديني المتوفى سنة ٢٣٤هـ [أحد أئمة الحديث وأساطين الجرح والتعديل، وكان مِنْ أكابر شيوخ البخاري] وقال فيه: "مَنْ قال: (فلانٌ مُشَبِّه) عَلِمْنا أنه جَهْمِيّ، ومَنْ قال: (فلانٌ مُجَبِّر) عَلِمْنا أنه قَدَرِيّ، ومن قال: (فلانٌ ناصِبِيّ) عَلِمْنا أنه رافِضِيّ". وواضح من مقالته هذه عدم اعتداده بهذا المصطلح أو رضاه عنه» [١].
وقال شيخُ الحنابلة أبو محمد البَرْبَهَارِي المتوفى سنة ٣٢٩هـ :
«وإنْ سَمِعْتَ الرجل يقول: [فلان] مُشَبِّه، وفلان يتكلم في التشبيه؛ فاتَّهِمْهُ واعلم أنه جَهْمِيّ، وإذا سَمِعْتَ الرجل يقول: فلان ناصِبِيّ؛ فاعلم أنه رافِضِيّ…» [٢].
[١] النَّصْب والنَّواصِب: دراسة تاريخية عَقَدِيَّة، بدر ناصر العَوَّاد، صفحة ٦٣-٦٤-٦٥، صَدَرَ عن مكتبة دار المنهاج بالرياض، الطبعة الأولى ١٤٣٣هـ
[٢] شَرْحُ السُّنَّة، البَرْبَهَارِي، صفحة ١١٥، تحقيق: خالد بن قاسم الرَّدَّادِي، صَدَرَ عن دار السَّلَف بالرياض، الطبعة الثانية ١٤١٨هـ