الدُّرر الشاميّة: لماذا الفرح بأردوغان؟





 بسم الله الرحمن الرحيم
 لقد احتبس العالم أنفاسه قبل أن تُعلن نتائج الانتخابات التركية وقد كادت الأحزاب العلمانية في مشارق العالم ومغاربه، بكل وسيلة لتعيد للأحزاب العلمانية الكمالية مكانها على السلطة والزعامة التركية، ولكنهم يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، وقد أنفقت بعض الحكومات والأحزاب في داخل تركيا وخارجها مليارات الدولارات لإسقاط هذا الزعيم التركي واستعملت لذلك قنوات وأقلام وأجهزة وكادوا كيدًا كبارًا، ولكن كما قال الله تعالى:
 (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) [سورة اﻷنفال : 36)
لقد شب الشعب التركي عن الطوق وحدد خياره ودهس بقدمه على تلك الدعايات الرخيصة، ولسان حاله يقول: قد أبصرنا مواضع الأقدام فلا حاجة بنا إلى موجه أمين، فكيف بموجه عميل.
وقد كان المسلمون بغالبيتهم العظمى يعيشون الشعور التركي ساعة بساعة حتى تجلت النتائج فعمت البهجة اللاجئين السوريين والشعب السوري حتى الذين في الخارج والكتائب المجاهدة وكذلك عمت الفرحة الشعوب العربية والإسلامية التي تنظر إلى تركيا اليوم وكأنها ترى من خللها عروق الخلافة العثمانية وأمل العزة، والشعور بآلام الأمة وآمالها، ولو لم يكن في شعورهم إلا نشوة النصر على القوى العلمانية التي تداعت في هذه الانتخابات من كل فج عميق. لكن هذه الفرحة الإسلامية العارمة لم تخل من مشاكسات لبعضهم، وهي وإن كانت غير عميقة ولا مؤثرة، لكنها مزعجة. فمن قائل: هذا الرجل كذاب ويتاجر بالشعارات الإسلامية ولم يفعل شيئًا وووووو إلى آخر ما تمليه عليهم قناة حفتر وغيرها من القنوات المتحفترة، فالجواب لهؤلاء نقول: أغلق قناة حفتر وافتح قناة عقلك ولن تحتاج لمن يقنعك بإذن الله.
 لكن هناك من الناس الصالحين من ذكر بعض الشبهات الشرعية وليسوا من زبائن حفتر، فهؤلاء سنذكر أبرز ما اشتبه عليهم من أمر أردوغان فكان أبرزها:
 أولًا: أنه رجل علماني، وقد صرح بذلك، بل زاد أن حث مرسي على علمنة حكومته حين فاز في انتخابات مصر.
 ثانيًا: إرساله لجنوده في الحلف الأطلسي إلى أفغانستان، بل كانت القوات التركية قائدة للحملة الصليبية هناك لمدة عامين.
 ثالثًا: وضعه دستورًا للدولة وهذا أخذٌ لحق التشريع، وهو حقٌّ لله تعالى.
 هذه هي أهم الأمور المثارة حوله والجواب عليها بوجهين الوجه الأول:
على فرضية التسليم بكل ذلك، وأنه كفر وأنه لا عذر له فيه، وأن هذا الرجل كافر مرتد. فنقول لو فرضناه كذلك، فهبه كغيره من الحكام الكفار الذين لا نقاش في كفرهم، وإنما النقاش في أمر آخر وهو:
هل مصلحة المسلمين في توليه أم في خسارته وتولي من هو أشد كفرًا وكلبًا على الإسلام والمسلمين وللجواب على ذلك نفرق بين المسلمين الأتراك وغير الأتراك، فأما الأتراك فقد أبانوا عن ذلك حين انتخبه الإسلامي وغير الإسلامي، أما الإسلامي فلأنه رأى صلاح دينه ودنياه مع أردوغان خيرًا من البدائل غيره بلا مقارنه، وأما غير الإسلامي فلا دين لهم لكنهم وجدوا دنياهم معه، فوجدوه القوي الأمين، ولا أدل على ذلك من نتائج انتخابه، وأما غير الأتراك من العرب والمسلمين، فهم طائفتان فالأولى هي التي نابذته وسعت لتشويه سمعته في إعلامها الرخيص، وهوّنت من انجازاته، واستخفت بمنجزاته، بطريقة ممجوجة سامجة، لكنها مع ذلك أثّرت على بعض عوام المسلمين السذج، وقد اجتمع في هذه الطائفة جميع العلمانيين الذين جعلوا حرب الإسلام أولى أولوياتهم واستطاعوا خديعة بعض الإسلاميين من جامية وتكفيريين، وبعض الغيورين الصادقين الذين نظروا له من زاوية ضيقة وليسوا في ذلك أصحاب هوى، لكنها غفلة الصالحين، أما الطائفة الأخرى التي فرحت بفوزه واستبشرت بنصره على منافسيه من أحزاب العلمنة العميقة، فهذه الطائفة هي جمهور الأمة الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها.
 فرح به أهل فلسطين عامة والغزاوية خاصة، وسلوهم لماذا فرحوا به، فرح به أهل مصر ممن قمعتهم الدبابة العلمانية، وسلوا أهل مصر ما الذي أفرحهم في فوزه، فرح به وطاروا به فرحًا أهل سوريا، فرحوا به في مخيمات اللاجئين، فرحوا به في الخارج، فرحوا به في الداخل السوري، فرح به المجاهدون في سوريا، ولن أقول سلوا أهل سوريا ما الذي أفرحهم في فوزه، فالكل يعلم قطعًا أنه الشريان الأعظم والأوحد للثورة والجهاد الشامي، لا يزايد على ذلك عاقل. فرح به كل مسلم يبحث عن عزة الزعماء وإن كان لا يحتاج إليه، فقد أبرز أردوغان على الساحة الدولية شخصية سياسية مسلمة شامخة معتزة، وما موقفه مع بيريز بخافٍ على أحد. كل هذا على التسليم بأن الرجل قد كفر وارتد وخرج من دين الله، فيكون الخيار بين كافر خدم المسلمين بكل ما استطاع، وكافر يريد إغلاق كل نافذة يتنفس بها مسلم في شرق الأرض أو غربها.
 أما على عدم التسليم بكفره (وهو الذي ندين الله به)، بل هو مسلم لم يفعل ما يوجب تكفيره، فيكون الجواب على ما سبق ذكره من التهم التي كُفّر بها فنقول: لقد وصل أردوغان إلى سدة حكم دولة علمانية قد وصلت إلى حضيض من العلمنة لم تصل إليها دولة في العالم بل في التاريخ، حتى تلك الدول التي خرجت العلمانية من رحمها، ولقد عمل الكماليون عشرات العقود على طمس جميع معالم الإسلام الظاهرة والباطنة، وغرّبوا الشعب التركي عن دينه، وجعلوا حرب الإسلام دينًا يدينون به حتى في أبسط مظاهره، مثل الطربوش ونحوه، عفوًا عن شعائر الدين الظاهرة، لقد وصل أردوغان إلى رأس الهرم الذي يتغلغل فيه السرطان العلماني في جميع مفاصل الدولة. نعم وصل إلى الحكم المنقوص الذي لا يمكنه من جميع قرارات الحكم، لقد كان الجيش أشبه بدولة في دولة، بقادته المعرقين والمغرقين في العلمانية بما لا تجده في جيش غيره، كيف لا وهو الذي أسقط خمس حكومات قبل حكومة أردوغان، ولم تكن تلك الحكومات أمام السلطة العميقة في الجيش إلا كالدمية، ولقد كان القضاء التركي عصاه الغليظة وهو بيد العلمانيين يضربون به من توهموا خطره على مشروعهم العلماني، فهم أصحاب القرار النافذ فيه لأزيد من سبعين سنة، وهو بدوره ينتقص من سلطة الرئيس قدرًا مؤثرًا، ولا أدل على ذلك من قضاء مصر، فقد كان المشرعن والمبرر والمدافع عن سلطة الجيش العلمانية، فماذا عساك تقول في القضاء التركي الذي لم يَعرف للإسلام لونًا ولا طعمًا.
 إن السذاجة في تناول الأمور والتعاطي مع الأحداث يخرج لنا إعاقات فكرية وانحرافات فقهية، ينتفع بها العدو ولا يسلم من ضررها الصديق، لقد سمعت أحدهم وهو يقول:
إذا كان أردوغان لا يستطيع أن يطبق شرع الله بحذافيره فعليه بالتنحي وترك السلطة حتى يسلم من الردة والكفر، وهذا من غرائب الأفهام، فكأن البديل عنه سيكون عمر بن عبدالعزيز، وكأن البديل عنه سيقيم الخلافة الراشدة في ثلاثة أيام، وكأن كل أعداء الشريعة ستذعن بعده لأي بديل، لا والله لا يكون بديلاً عنه إلا شرٌّ مستطير، وكأني بصاحبي هذا نسي أن الإصلاح منوط بالاستطاعة حتى في حق أعظم الخلق بذلًا وتضحية وتأييدًا من الله وهم أنبياء الله ورسله، فقد كان منهجهم (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله) فمن صدق الله وأصلح ما يستطيع لم يؤاخذ بما لا يستطيع، وهل فعل يوسف عليه السلام أكثر من إصلاح دنيا الناس وتدبير اقتصادهم حتى انقادوا له فدعاهم إلى الله، وهل فعل أردوغان يخرج عن ذلك، وهل طبق النجاشي الملك المعظم في قومه والذي كان يضمر إسلامه ولم يظهره، فهل كان أعظم منجز له في حكمه غير توفير الملاذ الآمن للفارين بدينهم من الصحابة وغيرهم، ثم هو عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعند الصحابة من خيار المسلمين، فهل وفر أحد ملاذًا آمنًا لمئات الآلاف من المسلمين مثلما فعل أردوغان، فهل نعذر النجاشي؛ لأنه فعل ما يستطيع حتى يأمن حياة مائة مسلم، ولا نعذر من أمن مئات الآلاف!؟ لقد وصل أردوغان إلى السلطة وهو يتسلل لواذًا من كلب العلمانيين في الداخل والخارج، وهو يتقيهم بكل وسيلة وشعار لعله ينفذ منهم حتى يخلص الشعب المسلم من الطغمة التي سامته سوء العذاب طوال عقود طويلة، فتجده يظهر في خطاباته الشعارات الإسلامية والشعارات العلمانية، لكنه على أرض العمل والتطبيق، لا يمر يوم إلا وهو يستنقص من سلطة العلمانية والكفر، ويمدد من سلطان الإسلام والحرية التي جعلت الناس تعود لدين الله أفواجًا، لا ينكر ذلك عاقل، حتى أصبحت شعاراته العلمانية مثيرة للسخط العلماني، فقد شعروا بأنه يستخف بهم حينما يظهر شعار العلمانية وهو في حقيقته حرب عليها ومقلص لنفوذها وصلاحياتها وتمددها فلم يعودوا يصدقون صوته المظهر شعار العلمانية في الحكم، لكن بعض أصحابنا الإسلاميين يهمهم الشعار أكثر من العمل، لقد انتزع أردوغان الشعب التركي انتزاعًا من براثن العلمانية بعد عقود من الاختطاف.
هل نسيت أخي موقف الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز حين تولى الحكم في نهاية القرن الأول ولم ينقرض جيل الصحابة وفي عهد جلة التابعين، وسلطان الشريعة قائم وشعائره ظاهرة، ولا منافس للإسلام وأهله، ومع ذلك بقي عمر مدة خلافته يصلح ما أفسده بعض من قبله من الأمراء والخلفاء حتى مات رحمه الله ولم يكمل مشروعه الإصلاحي الذي كان يعالجه أشد المعالجة، حتى تبرم ابنه عبدالملك من تأخر بعض الإصلاحات وعاتبه في ذلك، فقال له:
 يا بني إننا نعالج أمورًا قد هرم عليها الكبير وشب عليها الصغير حتى إذا غُيرت قالوا غُيرت السنة. فماذا عسانا نقول في حكم أردوغان وإصلاحاته وما يواجهه من عقبات تنوؤ بحملها الجبال. فشيء من العدل والإنصاف أخي ودع السطحية في التحليل والسذاجة في الحكم، فإنك بمهاجمتك هذا الزعيم التركي تتخندق مع أعداء الأمة من كل ملة، وهي الحجة التي كفر بها بعضهم جموعًا من مخالفيه. وأخيرًا هذا سؤال لكل من يقرأ هذا المقال من موافق ومخالف، هل خدم فوز أردوغان المسلمين في داخل تركيا وفي خارجها، وهل أضر بالأحزاب العلمانية، وهل كانت هزيمته ستخدم المسلمين؟
 ولا نقول إن منجزات أردوغان هي نهاية المطلب وغاية المرغب، بل هي نافذة أمل لبلد أحرقته العصابات العلمانية عقودًا، وإنا لنرغب إلى الله أن يعيد للشعب التركي وللأمة عزتها ومجدها، وما لا يدرك كله لا يترك جله، وإن بيان الحق والتحذير من الباطل واجب على أهل العلم، لكن لذلك فقهًا يحسنه أهل البصيرة من العلماء، فقد هادن رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشًا، فدخل في حلف قريش بنو بكر، ودخل في حلف رسول الله خزاعة وهما قبيلتان على الشرك، لكن خزاعة كانت عيبة نصح لرسول ولأصحابه فكانوا أقرب حلفًا، فكيف بالمسلم المقصر، فكيف إذا بذل وسعه وطاقته؟
 وهنا أذكرك بهذه النصوص قال تعالى:
 (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا ۚ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ ۚ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) [سورة هود: 88].
وقال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ ۗ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [سورة التغابن: 16].
 وأخيرًا هذا جهد المقل والله يتولى السرائر.
 المؤلف: حمود بن علي العمري
 الثورة انتهت، الحرب مستمرة "المحرقة السنّية" مستعرة، الوقت من دم..
من لا يعترف بسنّية سورية يفقد جنسيتها، من ينكر "المحرقة السنّية" شريك بها.
قائدنا إلى الأبد سيدنا محمد.. حرق البلد و لا حكم عصابة الأسد..
تلفزيون البيت الشامي "صوت الأكثرية السنّية"
دمشق
 11/08/2014
http://ahmadjoma.blogspot.com https://www.facebook.com/Sham.Sunia https://www.facebook.com/Dr.sunisham https://www.facebook.com/backtoturkia https://www.facebook.com/SHAM.HOUSE.TV
الدكتور أحمد جمعة
الكاتب : الدكتور أحمد جمعة
برنامج مجلس الطائفة السُنّية في سورية أولوية في الوظائف الحكومية وراتب بطالة لكل أسرة وقطعة أرض ولوح طاقة شمسية وفوقها حبة مسك. ليش؟ هيك أنا طائفي! في سوريا المتجددة ستكون الأولوية تنفيذ مشروع تنمية مستدامة: 1. حل الجيش والأمن وتوزيع السلاح على الطائفة باشراف وتدريب ضباط البلديات، في الإسلام كل الشعب جيش يوفر 75% ميزانية 2 . تعليم جامعي إلزامي، ضمان صحي، سكن للشباب، ماء كهرباء انترنت مجاني 3 . ميزانية مستقلة لكل البلديات، وسائل إعلام، مشيخة الإسلام في الشام 4. ضرائب 0 جمارك 0 بنوك 0 ادفع الزكاة في البلدية تعيش بكرامة وحرية 5. أجر ساعة العمل كحد أدنى 10$ في كافة القطاعات، أمومة النساء سنتين 6. قطع دابر الفساد وأموال "هوامير البلد" لتمويل فرص عمل في البلديات! 7. سلام مع كل دول الجوار سورية منطقة حرة ضمان استقرار يجلب الاستثمار 8. تحفيز استخدام طاقة شمسية شراء فائض كهرباء تعريفة خضراء 0.1$/kWh 9. برمجة وأتمتة قطاع الزراعة ودعم المزارعين = الأمن الغذائي الذاتي 10. مكافحة إرهاب الأقليات الطائفية وتجريم من ينكر المحرقة السنية. خادم الطائفة السُنّية في سورية الدكتور أحمد جمعة
تعليقات