بسم الله الرحمن الرحيــم
تتمة الرّد على أفراخ الشيعي "أسد آبادي" من الإخونجية
و السلفية ::
اتفق أهل العلم على حرمة الخروج عن المذاهب الأربعة حسماً للفوضى
الفقهية ، وذلك لأنّ غير المذاهب الأربعة لم تحفظ ولم تدوّن من ألفها إلى يائها وإنّما نقلت عن بعض الأئمة مسائل مفردة لم تعرف قيودها واستثناءاتها ، ولم يعرف ما إذا كان قد رجع عن ذلك أم لا ؟
وما إذا كان له مخصص
أو مقيّد من كلامه أم لا ؟
فالسبب هو عدم الثقة بها من حيث النقل لأنّها غير معتبرة !!
و لقد غطت المذاهب الأربعة جميع احتياجات الفتوى من لدن الصدر الأول و إلى قيام الساعة ضمن عموم قوله تعالى : (إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون) ..
قال الشيخ العلامة النفراوي في "الفواكه الدواني" (2365): "… وقد انعقد إجماع المسلمين اليوم على وجوب متابعة واحد من الأئمة الأربعة:
أبي حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد بن حنبل ، و عدم جواز الخروج عن مذاهبهم ،
و إنّما حرم تقليد غير هؤلاء الأربعة من المجتهدين ، مع أنّ الجميع على هدى لعدم حفظ مذاهبهم لموت أصحابهم وعدم تدوينها ، ولذا قال بعض المحققين:
المعتمد أنّه يجوز تقليد الأربعة ، و كذا من عداهم ممّن يحفظ مذهبه في تلك المسألة
و دوّن حتى عرفت شروطه وسائر معتبراته ، فالإجماع الذي نقله غير واحد كإبن الصلاح و الجويني إمام الحرمين و القرافي على منع تقليد الصحابة يحمل على ما فقد منه شرط من ذلك".
و جاء في مواهب الجليل ، للحطّاب ، (130): (قال القرافي:
و رأيت للشيخ تقي الدين بن الصلاح ما معناه أنّ التقليد يتعيّن لهذه الأئمة الأربعة دون غيرهم ، لأنّ مذاهبهم انتشرت و انبسطت ، حتى ظهر فيها تقييد مطلقها و تخصيص عامها و شروط فروعها ، فإذا أطلقوا حكماً وجد مكملاً في موضع آخر و أمّا غيرهم فتنقل عنه الفتاوى مجردة فلعلّ لها مكملا أو مقيداً أو مخصصاً لو انضبط كلام قائله لظهر ، فيصير في تقليده على غير ثقة ، بخلاف هؤلاء الأربعة).
و قال إمام الحرمين الجويني في البرهان (2744) :
"أجمع المحققون على أنّ العوام ليس لهم أن يتعلقوا بمذاهب أعيان الصحابة ، بل عليهم أن يتبعوا مذاهب الأئمة الذين سبروا و نظروا و بوّبوا الأبواب و ذكروا أوضاع المسائل و تعرضوا للكلام على مذاهب الأولين ، و السبب فيه أنّ الذين درجوا و إن كانوا قدرة في الدّين و أسوة للمسلمين ، فإنّهم لم يعتنوا بتهذيب مسالك الإجتهاد و إيضاح طرق النظر و الجدال و ضبط المقال ، و من خلفهم من أئمة الفقه كفوا من بعدهم النظر في مذاهب الصحابة فكان العامي مأموراً باتباع مذاهب السابرين"
و قال ابن نجيم في الأشباه والنظائر (1131):
".. و ما خالف الأئمة الأربعة مخالف للإجماع و إن كان فيه خلاف لغيرهم ، فقد صرّح في "التحرير" أنّ الإجماع انعقد على عدم العمل بمنصب مخالف للأربعة لإنضباط مذاهبهم وانتشارها و كثرة أتباعهم".
و جاء في الفروع ، لإبن مفلح ، (6374): "و في الإفصاح:
إنّ الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة ، و أنّ الحق لا يخرج عنهم ،
و يأتي في العادلة لزوم التمذهب بمذهب و جواز الإنتقال عنه".
وقال الزركشي في "البحر المحيط" (8240):
"وقد وقع الإتفاق بين المسلمين على أنّ الحق منحصر في هذه المذاهب وحينئذ فلا يجوز العمل بغيرها".
و جاء في التمهيد في تخريج الفروع على الأصول ، للأسنوي ، (1527): "… و ذكر ابن الصلاح ما حاصله:
أنّه يتعيّن الآن تقليد الأئمة الأربعة دون غيرهم ، قال: لأنّها قد انتشرت و علم تقييد مطلقها وت خصيص عامها و بشروط فروعها ، بخلاف مذهب غيرهم أجمعين".
و قال ابن علاّن الصدّيقي في شرحه على رياض الصالحين المسمّى "دليل الفالحين" (1415): "أمّا في زماننا فقال بعض أئمتنا: لا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة:
الشافعي و مالك و أبي حنيفة و أحمد ، لأنّ هؤلاء عرفت مذاهبهم واستقرت أحكامها و خدمها تابعوهم وحرروها فرعاً فرعاً و حكماً حكماً ، فقلّ أن يوجد فرع إلاّ و هو منصوص لهم إجمالا أو تفصيلا بخلاف غيرهم فإنّ مذاهبهم لم تحرر و دوّن كذلك ، فلا يعرف لها قواعد يتخرج عليها أحكامها فلم يجز تقليدهم فيما حفظ عنهم منها ، لأنّه قد يكون مشترطاً بشروط أخرى وكلوها إلى فهمها من قواعدهم ، فقلّت الثقة بخلّو ما حفظ عنهم من قيد أو شرط فلم يجز التقليد حينئذ".
و قال ابن رجب الحنبلي في "الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة" ص13:
"فإن قيل: نحن نسلّم منع عموم النّاس من سلوك طريق الإجتهاد ، لما يفضي ذلك أعظم الفساد ، لكن لا نسلّم منع تقليد إمام متبع من أئمة المجتهدين غير هؤلاء الأئمة المشهورين ، قيل: قد نبهنا علة المنع من ذلك و هو أنّ مذاهب غير هؤلاء لم تشتهر و لم تنضبط ، فربما نسب إليهم ما لم يقولوه أو فهم عنهم ما لم يريدوه ، و ليس لمذاهبهم من يذبّ عنها و ينبه على ما يقع من الخلل فيها ، بخلاف هذه المذاهب المشهورة ، فإن قيل: فما تقولون في مذهب إمام غيرهم قد دوّن مذهبه وضبط و حفظ كما حفظ هؤلاء ، قيل: أولا: هذا لا يعلم وجوده الآن ، و إن فرض وقوعه الآن و سلّم جواز اتباعه و الإنتساب إليه ، فإنّه لا يجوز ذلك إلاّ لمن أظهر الإنتساب إليه و الفتيا بقوله و الذّبّ عن مذهبه".
و قال المرداوي في التحبير: (1128):
"فإنّ مدار الإسلام و اعتماد أهله قد بقي على هؤلاء الأئمة و أتباعهم ، و قد ضبطت مذاهبهم و أقوالهم و أفعالهم و حرّرت و نقلت من غير شك في ذلك ، بخلاف مذهب غيرهم و إن كان من الأئمة المعتمد عليهم ، لكن لم تضبط الضبط الكامل و إن كان صح بعضها فهو يسير فلا يكتفى به و ذلك لعدم الأتباع".
و ها هو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يرد على هؤلاء الأقزام المتعملقين ، قال ابن تيمية في الفتاوى المصرية ص81:
"و قول القائل: لا أتقيّد بأحد من هؤلاء الأئمة الأربعة ، إن أراد أنّه لا يتقيّد بواحد بعينه دون الباقين فقد أحسن بل هو الصواب من القولين ، وإن أراد أنّي لا أتقيّد بها كلّها ، بل أخالفها فهو مخطيء في الغالب قطعاً ، إذ الحق لا يخرج عن هذه الأربعة في عامة الشريعة".
فأين علماؤنا من هؤلاء الأقزام الذين استحلوا حرمات الدماء و الأموال و الأعراض بفتاوى مضحكة لجهل مطلقيها و مبكية لجهل مقلديها و نتائجها الكارثية الناشر للفتن
و الفساد في الأرض و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
مشيخة الإسلام في بلاد الشام ..
العاشر من رمضان 1433 للهجرة الشريفة ..