هؤلاء العرب جميعا قاتلهم أبو بكر قتال كفار لأنهم ارتدوا عن الإسلام. سواء من اتبع من ادعى النبوة (مثل مسيلمة الكذاب) أو من امتنع عن فريضة الزكاة وهم الأكثرية. وأجبرهم على العودة إلى الإسلام وإقامة شعائره، بشروط مذلة، ومنعهم من حمل السلاح ومن المشاركة بالفتوحات.
ولم يحارب أحدا قط
لأنهم لم يبايعوه. فهذا علي امتنع عن بيعته 6 أشهر، فما اهتم الصديق ولا اكترث
بهذا ولا عاتب عليا قط. وأهم من هذا أن سعد بن عبادة، سيد الأنصار، الذي كاد أن
يكون خليفة في السقيفة، لم يبايع أبا بكر ولا عمر، وكان في نفسه شيء منهما. ومع
ذلك لم يضايقه أحد قط وما حرماه شيئا من حقوقه.
ودليل تكفير أبي
بكر لمانعي الزكاة قوله «والله لأقاتلن من فرّق بين الصلاة والزكاة». حيث كان
هؤلاء المرتدين يقيمون الصلاة ولا يؤدون الزكاة. وقد استقر إجماع الصحابة على كفر
تارك الصلاة ووجوب قتله إن لم يتب، فدلت تسويته بين الصلاة والزكاة على أن مانعي
الزكاة عنده كفار يجب قتالهم. ومن زعم أنه سوّى بين تارك الصلاة ومانع الزكاة في
العقوبة (القتل) دون الحكم (الكفر) فقد أخطأ. فقد سوّى بينهما أبو بكر تسوية مطلقة
تشتمل على الحكم والعقوبة. ويدل عليه قول أبي هريرة «وكفر من كفر من العرب». وهو
اختيار البخاري كما ذكره في ترجمة الباب «وما نُسبوا إلى الرِدّة».
من امتنع عن
البيعة فهذا حقه الشرعي، فهي ليست إجبارية، وقتاله لمجرد الامتناع عن البيعة ظلم.
ولذلك فإن يزيدا لم يقاتل الحسين ولا عبد الله رضي الله عنه لما امتنعا عن بيعته
قبل أن يرفعا السلاح. أما من خرج بالسيف على المسلمين على الخليفة الذي حقق
الغالبية ببيعة أهل الحل والعقد واستقر له الأمر، فهذا يقاتل قتال أهل البغي وليس
قتال أهل الردة ولا أهل الخوارج.
