بسـم الله الرحـمن الرحـيم
في أواخر خلافة الدولة العثمانية تجاول أعداء الإسلام لاقتسام الأمة الإسلامية و من أخطر هؤلاء الأعداء كان التحالف الشيعي الماسوني الذي رعته وزارة المستعمرات البريطانية ، و لقد استعمل هذا التحالف ذات الحجج الماسونية في الحرب على الديانة المسيحية لتبرير الحرب على دين الإسلام ، و من هذه الذرائع الكاذبة مزاعم أن الإسلام لم يعد يساير التقدم التقني الذي وصلت إليه البشرية ، و لقد علم هذا التحالف باستحالة تبديل الأصل الواضح الظاهر الذي يستند إليه الدين و هو القرآن و السنة ليوافق أغراضهم المتحللة و الإلحادية فتوجه إلى السعي لتبديل الأصل البعيد عن متناول إطلاع العامة و الذي يصل إليهم غالبا بطريقة الإملاءات (الفتاوى) و هو "الفقه الإسلامي" و للمعلومية فإن الفقه الإسلامي هو التراث الذي يشرح كيفية اتباع القرآن و السنة و كيفية تطبيقهما و معرفة الحلال و الحرام و المكروه و المندوب و الصحيح و الباطل ، و لقد حفظ الله هذا التراث التطبيقي كما حفظ الأصل القرآني و السنّي لأنه لا معنى لحفظ ما يجب تطبيقه من أوامر دون معرفة كيفية تطبيق هذه الأوامر ، و كما أجمعت الأمة على أخذ القراءات السبع للقرآن الكريم و على تنقية الأحاديث النبوية الشريفة و تدوينها بأسانيدها أجمعت أيضا على الالتزام بتطبيق القرآن العظيم و السنة الشريفة بالكيفيات التي شرحها الأئمة الأربعة حصرا و هم "أبو حنيفة النعمان" و "محمد بن ادريس الشافعي" و "أحمد بن حنبل" و "مالك بن أنس" رضي الله عنهم ، و لقد تعبد المسلمون الله على مر القرون الماضية باتباع الكيفيات المنقولة عن هؤلاء الأئمة في سائر العبادات و المعاملات و عاد القضاة جميعا و الحكام و الخلفاء و الأمراء إلى تراث هؤلاء الأئمة في سياساتهم و أحكامهم التي دونت في كتب كثيرة مشروحة مفصلة بعناية و دقة معجزة و بشكل كامل يغطي كل احتياجات الفرد و الأمة لحكم الله و رسوله في كل أمر ذي بال إلى قيام الساعة ، و سميت هذه الكتب "الفقه الإسلامي" و سمي تراث كل إمام من هؤلاء الأئمة "مذهب" و بذلك انحصرت كيفية تطبيق أحكام القرآن و السنة بـ "المذاهب الأربعة" ، و ليس على العالم أو القاضي إلا العودة إلى هذه الكتب للإجابة على أسئلة الأمة و للحكم في قضاياها الكبرى و الصغرى ، و لقد أجمع المسلمون على أن حكم الله يوجد قطعا في هذه المذاهب و أنها إذا أجمعت على مسألة فهي لا شك حكم الله و رسوله صلى الله عليه و سلم و إن اختلفت فإنها أيضا أصابت حكم الله و رسوله لأنها صدرت عمن أجمعت الأمة على أهليتهم و قدرتهم على إدراك معاني القرآن و السنة على وجهها الصحيح ظاهرا و باطنا و دون شطط أو خلل أو هوى أو ضلال فاختلافهم ليس سوى عرض لوجوه الأحكام الشرعية إن تعددت و ليس خلافا أصلا في جوهره ، و لم يعطي الله تعالى هذه الرتبة لأحد بعد هؤلاء الأئمة الأربعة ، كما أنه لم يعطي لأحد بعد رواة القراءات القرآنية السبعة رتبتهم ، و لم يعطي لأحد بعد أصحاب الكتب التسعة عامة و البخاري و مسلم رتبتهم في تصحيح و رواية الحديث خاصة ، و لقد انعقد إجماع متواتر على هذا مدة القرون المتعاقبة منذ عهد أولئك الأئمة و الرواة و إلى يومنا هذا ، إجماع الأمة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم: "لا تجتمع أمتي على ضلالة" ، فلا يجوز لمفت أن يفتي إلا نقلا عن هذه المذاهب الأربعة نقلا عن أصولها و فروعها و إلا كان كالمجرم المدعي أن لديه رواية جديدة أخرى للقرآن أو صحيحا آخر فيه أحاديث نبوية غير تلك التي في تراث المحدثين الأمجاد ، و بهذه المذاهب الأربعة أغلق الباب بإحكام تام في وجه أهل الهوى و في وجه أتباع الطغاة و دعاة الضلالة فلم يعد لهم باب ينفذون منه إلى الأمة لينشروا فيها الفساد باستعمال تفسيرات و تأويلات مزيفة للقرآن و السنة تروج على الجهلة ، و بها حسم باب فوضى الفتاوى الذي أضاع الديانات من قبلنا ، و هي بالضبط الحصن الذي رماه التحالف الشيعي الماسوني و أرادوا اختراقه.
لقد تواتر أجماع المسلمين على أنه يجب على المسلم أن يقلد في تطبيقه لأحكام الله معلما يعلمه تطبيقها و هو أحد الأئمة الأربعة و من بعدهم المأذون لهم بالنقل عن هذه المذاهب بأمانة و سمي الإمام الذي يجب اتباعه "المجتهد" و الناقل عنه "عالم".
و لقد أوضح علماؤنا قديما القدرات التي تمتع بها هؤلاء الأئمة الأربعة رضي الله عنهم حتى استحقوا أن يجوز تقليدهم و هي كثيرة و أهمها هو قرب عهدهم بالنبي صلى الله عليه و سلم و معاينتهم لكيفية تطبيق الرعيل الأول و السلف الصالح لأحكام الله في كتابه و سنة نبيه صلى الله عليه و سلم و أخذهم للعلم كله من هؤلاء الأسلاف العظماء ورثة محمد صلى الله عليه و سلم الأدنين و أنى أن يتأتى هذا لأحد بعدهم حتى تقوم الساعة هذا فضلا عن اتفاق الأمة علما و عملا سلفا و خلفا على وجوب تقليدهم؟.
أما الشيعة الرافضة فلقد زعموا أن التقليد لا يجوز إلا أن يكون لمعصوميهم المزعومين (خلا رسول الله صلى الله عليه و سلم) أو لمن أخذ عنهم و كان قد درس حتى بلغ رتبة "الإجتهاد" و يجب أن يكون "حيّا" لأنه لا حجة لميت بزعمهم فاخترعوا ما تسمى "المرجعيات" و هم من يزعم الشيعة أنهم بلغوا رتبة "الإجتهاد" من ملاليهم و سموهم "الفقهاء" ، و لذلك تراهم يتبعون عشرات من هذه المرجعيات و يختلفون في الفتاوى جيلا بعد جيل و ما زالت تنحدر فتاواهم وراء كل شيطان حتى وصلوا إلى ما هم فيه من تحلل من كل واجب سوى القتل و السلب و الزنا و الزندقة و التزام بارتكاب لكل معصية يعرفها بنو آدم باسم الدين و أي دين يمت إلى الحق بصلة بريء منهم و من مرجعياتهم.
جاء شيطان الشيعة "جمال الدين الأفغاني" برعاية ماسونية بريطانية كاملة إلى الدولة العثمانية و زعم أن الفقه الإسلامي الذي يلتزم به أهل السنّة جامد و قديم و ألف الرسائل و نشر الدعوات لتجديد هذه الفقه و دعى إلى إلقاء ما أجمعت عليه الأمة من علوم المذاهب الأربعة في الإهمال و إلى إنتاج فقه جديد باستعمال الأدوات العلمية التي استعملها الأئمة الأربعة (طبعا باستثناء أهمها و هو تربية السلف الصالح و قرب العهد من النبي صلى الله عليه و سلم !!) ، و راح يروج لدعوته بمزاعم تضحك الثكلى بينها أن تقليد المذاهب الأربعة هو الحائل بين الأمة و بين التقدم العلمي المادي و التقني و تجاهل هذا الشيطان طبعا أن أسس التقدم العلمي الذي تعيشه أوربا لم تؤخذ من كتب الإلحاد و إنما أخذت من تراث المسلمين العلمي المادي الذي ولدت من رحمه نهضة الغرب الصناعية و المادية.
لا يريد طبعا "أسد آبادي" (الإسم الحقيقي لجمال الأفعاني) أن يتقدم المسلمون لينافسوا الغرب و إنما يريد أن يسير أهل السنّة في نفس طريق الهلاك و الكفر و الفوضى و التحلل الذي سار عليه أبناء ملته الشيعية الشيطانية و أن يتحول كل من قرأ كتاب الله و اطلع على السنّة الشريفة ففسرهما بفهمه و مقدرته المتواضعة إلى إمام متبوع يقلده عوام المسلمين فيصير لكل ألف أو ألفين من المسلمين مذهب و إمام و طبعا سيكون جميع هؤلاء الأئمة المستحدثون بين جاهل مدع قاصر أو مفترٍ مأجور لطاغية أو داعية ضلال أو كذاب يبحث لنفسه عن سلطان و رتبة و لن يصل أعظم هؤلاء شأنا إلى علو كعب أصغر تلامذة الجيل الرابع أو الخامس من تلامذة تلامذة الأئمة الأربعة فيضلون و يُضلون ، و يصير لدى السنّة في المسألة الواحدة آلاف الأحكام المختلفة و يتيهون في زبالات أذهان القاصرين حتى تعم الفوضى ديانتنا و حياتنا و من ثم يشتد الخلاف و يتجرأ الأدعياء فيستحلون الدماء و الحرمات الإسلامية و يكفر المسلمون بعضهم بعضا و يتحقق ما حذر منه رسول الله صلى الله عليه و سلم :
"لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم أعناق بعض" .
و لقد وجد الشيطان "الأفغاني" هذا آذانا صاغية لدى "محمد عبده" و "رشيد رضا" الماسونيان اللذان ربيا "حسن البنا" مؤسس العصابة المسماة "الإخوان المسلمين" و كانت باكورة أعمال هذه العصابة تأليف كتاب متهافت لا قيمة له في الاستدلال العلمي و الفقهي سمي بـ "فقه السنة" نسب إلى المدعو "سيد سابق" ، و لقد اعتمد هذا الكتاب على فهم سيد سابق هذا للكتاب و السنة و زعم أنه بهذا الكتاب جاء بالكيفية الحقة لتطبيق أصول الدين و سن الطريقة الأصح ! لاستنباط هذه الكيفية و التي لم يهتدي إليها سلف الأمة العظماء قبل أن يأتينا سابق اللاحق هذا؟!!
ثم استلهم رجل من طلبة العلم في الشام يدعى "ناصر الألباني" طريقة سابق اللاحق هذا و زعم أنه و إن كان الأخير زمانه لآت بما لم يأت به الأوائل ، فادعى أن إجماع الأمة على تقليد المذاهب الأربعة هو كاتفاق الكفار على تقليد آبائهم في عبادة الأصنام ؟!! و ادعى أن أي مسلم يقدر على أن يقرأ القرآن و السنة يقدر على أن يستنبط منهما كيفية تطبيقهما في العبادات و الأحكام ، و راح يفسر القرآن و الحديث الشريف على حسب ما يصل إليه عقله و هو الفقير إلى علوم العربية و الأصول و إلى أبسط آلات الاجتهاد بل لا يملك منها شيئا ، فانتشرت دعوته لقلة العلم و بسبب طغيان الحكام الملاحدة و أضلت كثيرا من الجهلة لأنه نجح في أن يخلط في أذهانهم بين تخاريف غلاة الصوفية و جهلة المشعوذين
(بقايا الدولة الشيعية العبيدية الفاطمية) و بين الفقه الإسلامي مستغلا انتشار الأفكار الصوفية بين عدد من مشايخ المقلدة فضلّ و أضلّ و افتتح على الأمة أبواب الشر و إمارة السفهاء على مصراعيا فصارت مساجدنا عامرة بمن قرأ بعض آيات و بعض كتب الحديث ثم تنطع للفتوى و لتفسير الكتاب كأي إمام مجتهد ؟!!
و المصيبة أن كل واحد منهم يزعم أن تفسيراته للأصول هي الحق الذي لا يقبل الجدل و كل من خالفه إما جاهل أو كافر يأبى دين الله و يرفضه أو مبتدع لا يغفر الله له حتى يعود إلى رأي هذا الإمام الجديد الممسوخ من صبيان دعوة "فتح باب الاجتهاد" الشيعية النجسة التي حملها إلينا شيطان "قـم" و حوزات الخماخم و كهنة المجوس "أسد آبادي".
اتفق أهل العلم على حرمة الخروج عن المذاهب الأربعة حسماً للفوضى الفقهية ، وذلك لأنّ غير المذاهب الأربعة لم تحفظ ولم تدوّن من ألفها إلى يائها وإنّما نقلت عن بعض الأئمة مسائل مفردة لم تعرف قيودها واستثناءاتها ، ولم يعرف ما إذا كان قد رجع عن ذلك أم لا ؟
وما إذا كان له مخصص
أو مقيّد من كلامه أم لا ؟
فالسبب هو عدم الثقة بها من حيث النقل لأنّها غير معتبرة !!
و لقد غطت المذاهب الأربعة جميع احتياجات الفتوى من لدن الصدر الأول و إلى قيام الساعة ضمن عموم قوله تعالى :
(إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون) ..
قال الشيخ العلامة النفراوي في "الفواكه الدواني" (2365):
"… وقد انعقد إجماع المسلمين اليوم على وجوب متابعة واحد من الأئمة الأربعة:
أبي حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد بن حنبل ، و عدم جواز الخروج عن مذاهبهم ،
و إنّما حرم تقليد غير هؤلاء الأربعة من المجتهدين ، مع أنّ الجميع على هدى لعدم حفظ مذاهبهم لموت أصحابهم وعدم تدوينها ، ولذا قال بعض المحققين:
المعتمد أنّه يجوز تقليد الأربعة ، و كذا من عداهم ممّن يحفظ مذهبه في تلك المسألة
و دوّن حتى عرفت شروطه وسائر معتبراته ، فالإجماع الذي نقله غير واحد كإبن الصلاح و الجويني إمام الحرمين و القرافي على منع تقليد الصحابة يحمل على ما فقد منه شرط من ذلك".
و جاء في مواهب الجليل ، للحطّاب ، (130):
(قال القرافي:
و رأيت للشيخ تقي الدين بن الصلاح ما معناه أنّ التقليد يتعيّن لهذه الأئمة الأربعة دون غيرهم ، لأنّ مذاهبهم انتشرت و انبسطت ، حتى ظهر فيها تقييد مطلقها و تخصيص عامها و شروط فروعها ، فإذا أطلقوا حكماً وجد مكملاً في موضع آخر و أمّا غيرهم فتنقل عنه الفتاوى مجردة فلعلّ لها مكملا أو مقيداً أو مخصصاً لو انضبط كلام قائله لظهر ، فيصير في تقليده على غير ثقة ، بخلاف هؤلاء الأربعة).
و قال إمام الحرمين الجويني في البرهان (2744) :
"أجمع المحققون على أنّ العوام ليس لهم أن يتعلقوا بمذاهب أعيان الصحابة ، بل عليهم أن يتبعوا مذاهب الأئمة الذين سبروا و نظروا و بوّبوا الأبواب و ذكروا أوضاع المسائل و تعرضوا للكلام على مذاهب الأولين ، و السبب فيه أنّ الذين درجوا و إن كانوا قدرة في الدّين و أسوة للمسلمين ، فإنّهم لم يعتنوا بتهذيب مسالك الإجتهاد و إيضاح طرق النظر و الجدال و ضبط المقال ، و من خلفهم من أئمة الفقه كفوا من بعدهم النظر في مذاهب الصحابة فكان العامي مأموراً باتباع مذاهب السابرين"
و قال ابن نجيم في الأشباه والنظائر (1131):
".. و ما خالف الأئمة الأربعة مخالف للإجماع و إن كان فيه خلاف لغيرهم ، فقد صرّح في "التحرير" أنّ الإجماع انعقد على عدم العمل بمنصب مخالف للأربعة لإنضباط مذاهبهم وانتشارها و كثرة أتباعهم".
و جاء في الفروع ، لإبن مفلح ، (6374):
"و في الإفصاح:
إنّ الإجماع انعقد على تقليد كل من المذاهب الأربعة ، و أنّ الحق لا يخرج عنهم ،
و يأتي في العادلة لزوم التمذهب بمذهب و جواز الإنتقال عنه".
وقال الزركشي في "البحر المحيط" (8240):
"وقد وقع الإتفاق بين المسلمين على أنّ الحق منحصر في هذه المذاهب وحينئذ فلا يجوز العمل بغيرها".
و جاء في التمهيد في تخريج الفروع على الأصول ، للأسنوي ، (1527):
"… و ذكر ابن الصلاح ما حاصله:
أنّه يتعيّن الآن تقليد الأئمة الأربعة دون غيرهم ، قال: لأنّها قد انتشرت و علم تقييد مطلقها وتخصيص عامها و بشروط فروعها ، بخلاف مذهب غيرهم أجمعين".
و قال ابن علاّن الصدّيقي في شرحه على رياض الصالحين المسمّى "دليل الفالحين" (1415):
"أمّا في زماننا فقال بعض أئمتنا: لا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة:
الشافعي و مالك و أبي حنيفة و أحمد ، لأنّ هؤلاء عرفت مذاهبهم واستقرت أحكامها و خدمها تابعوهم وحرروها فرعاً فرعاً و حكماً حكماً ، فقلّ أن يوجد فرع إلاّ و هو منصوص لهم إجمالا أو تفصيلا بخلاف غيرهم فإنّ مذاهبهم لم تحرر و دوّن كذلك ، فلا يعرف لها قواعد يتخرج عليها أحكامها فلم يجز تقليدهم فيما حفظ عنهم منها ، لأنّه قد يكون مشترطاً بشروط أخرى وكلوها إلى فهمها من قواعدهم ، فقلّت الثقة بخلّو ما حفظ عنهم من قيد أو شرط فلم يجز التقليد حينئذ".
و قال ابن رجب الحنبلي في "الرد على من اتبع غير المذاهب الأربعة" ص13:
"فإن قيل: نحن نسلّم منع عموم النّاس من سلوك طريق الإجتهاد ، لما يفضي ذلك أعظم الفساد ، لكن لا نسلّم منع تقليد إمام متبع من أئمة المجتهدين غير هؤلاء الأئمة المشهورين ، قيل: قد نبهنا علة المنع من ذلك و هو أنّ مذاهب غير هؤلاء لم تشتهر و لم تنضبط ، فربما نسب إليهم ما لم يقولوه أو فهم عنهم ما لم يريدوه ، و ليس لمذاهبهم من يذبّ عنها و ينبه على ما يقع من الخلل فيها ، بخلاف هذه المذاهب المشهورة ، فإن قيل: فما تقولون في مذهب إمام غيرهم قد دوّن مذهبه وضبط و حفظ كما حفظ هؤلاء ، قيل: أولا: هذا لا يعلم وجوده الآن ، و إن فرض وقوعه الآن و سلّم جواز اتباعه و الإنتساب إليه ، فإنّه لا يجوز ذلك إلاّ لمن أظهر الإنتساب إليه و الفتيا بقوله و الذّبّ عن مذهبه".
و قال المرداوي في التحبير: (1128):
"فإنّ مدار الإسلام و اعتماد أهله قد بقي على هؤلاء الأئمة و أتباعهم ، و قد ضبطت مذاهبهم و أقوالهم و أفعالهم و حرّرت و نقلت من غير شك في ذلك ، بخلاف مذهب غيرهم و إن كان من الأئمة المعتمد عليهم ، لكن لم تضبط الضبط الكامل و إن كان صح بعضها فهو يسير فلا يكتفى به و ذلك لعدم الأتباع".
و ها هو ابن تيمية رحمه الله يرد على هؤلاء الأقزام المتعملقين ، قال ابن تيمية في الفتاوى المصرية ص81:
"و قول القائل: لا أتقيّد بأحد من هؤلاء الأئمة الأربعة ، إن أراد أنّه لا يتقيّد بواحد بعينه دون الباقين فقد أحسن بل هو الصواب من القولين ، وإن أراد أنّي لا أتقيّد بها كلّها ، بل أخالفها فهو مخطيء في الغالب قطعاً ، إذ الحق لا يخرج عن هذه الأربعة في عامة الشريعة".
فأين علماؤنا من هؤلاء الأقزام الذين استحلوا حرمات الدماء و الأموال و الأعراض بفتاوى مضحكة لجهل مطلقيها و مبكية لجهل مقلديها و نتائجها الكارثية الناشر للفتن
و الفساد في الأرض و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
عشتم و عاشت سورية سنية حرة أموية
حزب الوطنيين الأحرار السوريين
اللجنة الشرعية
حمص
17/12/2013