هذا ما ينقصنا في الشام حرائر سنيات شاميات متعصبات أصيلات يحفزن الرجال على قتال العدو "النصيريين و الشيعة"، نعم أخواتي و أخوتي الحرية و الكرامة هما معيار يميز بني البشر عن باقي المخلوقات البيولوجية، أقدم لكم مقال عن قصة إحدى تلك الحرائر السنيات العظيمات كتبه الأستاذ نضال الشريف:
استانبول مدينة تجمع العالم كله ،ماضيه ،حضارته، حاضره، حركته ،جماله ،فوضاه صخبه ، موسيقاه ، تتناغم فيها محتويات مشهدها الجميل بحركة عفوية وألفة وتفاهم بالحركة حينا وباللغة حيناً آخر وبالضحكات المختلفة في معظم الأحيان، فيها جمال العالم كله وكرمه وعطره وغرابته ، وسمات تلاقح جيناته المختلفة على مر الزمن التي رسمت ملامحها الخاصة في طول الأرض وعرضها كمدينة تاريخية مشبعة بعبق التاريخ.
صعدت إلى المترو الحديث متوجها نحو المحطة الرئيسية otogar عائداً إلى أرض الوطن الذي روته أغلى الدماء وأكثرها جرياناً ، بعد زيارة خاطفة إلى استانبول حضن الثورة السورية، استانبول تلك المدينة المتمددة على البحر والتاريخ والمسترخية في فضاء أثبت أصالته رغم محاولات أتاتورك فكفكة فسيفسائه ، أتاتورك التركي العلماني ، ممدوح مذموم، أتاتورك المغامر الذي فشل بتعليب ثقافة عثمانية معتقة أرخت ظلالها على جزء كبير من العالم القديم ، وأيضاً أخفق بقفل باب استانبول التاريخي ، في محاولة شبه هاربة من التاريخ وفتح باب الحداثة.
جلست جنبي على المقعد، كلها وقار وهيبة، محجبة أنيقة تثير الإعجاب الشديد، اختلست نظرة فضولية إعجاباً واحتراماً، لمحت عيون مشعة تطفو عليها قسمات حزن وتمرد ، عيون حادة تخفي ألم ثقيل ، كبحت نظري وانتباهي وفضولي عنها، أخرجت القرآن الكريم من حقيبتها وبدأت تقراً بصوت متهدج خافت خاشع متضرعة إلى الله! سمعت بعض همساتها الخافتة ، يا الله ماهذا الذي بجنبي ؟! بشر بشكل الملائكة ، كانت دمدمات كلماتها توحي بالإيمان العجيب والثقة المطلقة بالله والقضاء والقدر، لاشك أنها في حالة صعبة ما ، حركاتها كلماتها .قلقها تحللها في حالة صوفية غريبة ، قطع هذه الحال رنين جرس الموبايل، عليكم السلام يا ابني أقرأ لك ولأخوك ووالدك آيات قرآنية متضرعة إلى الله أن يحميكم ويحفظكم من كل مكروه ويعينكم وينصركم على القوم الظالمين أعداء الله والحياة والإنسانية، قالت بحالة من الشوق والغليان والتحفز وشحن الثقة بالله ليس لها وصف أوشكت أن تنفجر من حالة عاطفية بركانية وجدانية لم أشهدها من قبل ، احتفظت بتوازنها ، منعت دموعها أو رماد دموعها من التطاير ، ورفعت وتيرة صوتها المليئة بالثقة بالإنتصار، جمدت في مكاني ، انتابتني حالة وجدانية عاطفية غريبة ، ودعته قائلة ً برعاية وحماية الله يا ولدي ، لا تراجع ، لا حوار مع القتلة والمجرمين وأوشكت العيون أن تغادر مقلتيها!.....
وقفت منتصبة كأنها قمة منارة نادرة ، توقف المترو ، نزلت منه، تعمدت أن أودعها بنظرات مشحونة بالفخر و الاعتزاز والإعجاب والاحترام ، تمتمت مرتبكاً من الحالة ، كيف لأي قوة في الأرض أن تهزم هذا المستوى الأسطوري من الإيمان والثقة والإرادة وعدالة القضية والنصر على الطغاة ، وتيقنت أن الجرح السوري الذي يعبث فيه بالأدوات الجارحة هذا النظام المجرم سيكبر كثيراً وينزف ويسيل أنهارا.
مشهد درامي غارق في الدماء ، تتحكم فيه قوى متعاكسة متناقضة بشكل كلي، شعب كسر صندوق خوفه، وحطم جدران سجنه، وقرر الحياة الحرة الكريمة، ونظام شاذ في همجيته يمارس كل أنواع الجريمة بفجور يتعاون مع كل أعداء الحياة ضد شعبه، نظام غير مسؤول فتح أبواب سورية لكل شياطين الأرض بغباء شديد مخلصاً لكل طغاة التاريخ، إنها المأساة السورية الأكثر تراجيدية في التاريخ والتي تلخص مأساة الحرية والكرامة ، إنه ثمن الحرية الذي لطخ وجه الإنسانية بالعار، إنه ثمن حرية البشرية كلها، يا أشباه البشر ، أسماء ورغدة وسلاف وكل شبيحات العصابة المتوحشة...
عاشت سورية سنية حرة مستقلة
حزب الوطنيين الاحرار السوريين
اللجنة الاعلامية
حمص
16/06/2013
