في مقالتي السابقة عن حقيقة مأساة السنّة في سورية تلقيت الكثير جدا من الردود المتسرعة بين مؤيد و معارض ، و لقد أمضيت ليلي أناقش إخوة لنا من أهل العلم الشرعي و التاريخي حول الموقف الشرعي من وضع مأساتنا الفظيعة و اتضحت لي صور كثيرة لم تكن في ذهني و سأبينها الآن شاكرا للإخوة العلماء الذين ساعدوني على فهم الأمور بشكل أصح و أدق و على كتابة هذا المقال المهم.
1 – تحرير فلسطين: لا يوجد في قاموس فقهاء الإسلام على المذاهب الأربعة كلمة تحرير إلا فيما يتعلق بموضوع العبيد الأرقاء ، أما قصة تحرير البلدان من الاحتلال فلا وجود لها في مذاهب الإسلام (السنة طبعا) ، و بدل هذا المعنى يوجد كلمة إسمها جهاد الدفع و هي حالة السنة في سورية اليوم و هي الجهاد المفترض على كل مسلم و مسلمة عندما يدخل العدو إلى أرض المسلمين و يريد أن يستذلهم و ينهبهم و يقتلهم و يغتصب أعراضهم ، و الشيعة الفرس و شيعة أعاريب العراق و شيعة غجر لبنان و النصيريون يغزون اليوم أرض السنة في سورية و يريدون أن يجبرونا على عبادة "بشار الوحش" ثم و حتى إن عبدنا "بشار الوحش" فلن يتركونا إلا قتلى أو مغتصبين و منهوبين و مثكولين بأحبتنا و هذا و الله هو الغزو الأبشع الذي تعرض له المسلمون على مر تاريخهم ، فليس هناك أحقد و لا أكفر من الشيعة و النصيريين على وجه الأرض و تحت أديم السماء و هذا الكلام مطلق حقا و لا مبالغة.
و هذا الجهاد (جهاد الدفع) كان فريضة على جميع أهل الشام يوم احتل البريطانيون و الإنكليز فلسطين و بقية الشام و لم تبدأ هذه الفريضة عندما دخل المستوطنون اليهود إليها بل بدأت قبل ذلك بعشرين عاما و نيف ، و لقد تقاعس المسلمون حينها عن القيام بفريضة الجهاد لأسباب لا مجال لتعدادها و حصل لفلسطين ما حصل لإيران يوم احتلها الغزاة الشيعة و أكرهوا أهلها على الكفر بالإسلام و الدخول في دين الشيعة الوثني منذ أكثر من خمسمائة سنة ، و هو نفس ما حصل لإسبانيا يوم احتلها الكاثوليك و أجبروا مسلميها على اعتناق الكاثوليكية و تقاعس المسلمون عن نصرتها و عم هذا الإثم جميع أهل تلك البلاد و ما جاورها من بلاد الإسلام في ذلك الزمان ممن شهد الحرب و تقاعس عنها و لا يسري هذا الإثم طبعا إلى أبنائهم و أحفادهم.
حين يستولي العدو غير المسلم على أرض إسلامية و يعجز أو يتوانى عن حمايتها المسلمون تصير هذه البلاد ديار حرب و يصير الواجب بشأنها هو فتحها من جديد على يد حكام المسلمين ، و هذا الفتح فريضة على الكفاية أي أنه ليس عاما على جميع المسلمين و إنما هو فريضة مخصوصة بحكام المسلمين و قادة جيوشهم فإن نكلوا عنها أثموا ، و إن عجزوا عنها دخلوا في عموم قوله تعالى : {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}.
و حتما هذه الفريضة لا تشمل النساء و لا الضعفاء و لا العجّز و لا المرضى و لا المساكين و لا المعاقين و لا من يمنعه والداه على عكس فريضة جهاد الدفع و هي تشمل هذه الأصناف تماما ، و هي لا تشمل العامة (غير محترفي القتال) إلا أن يستنفرهم الحاكم المسلم و يجهزهم و يحميهم يجيوشه و سلطانه.
إذأً فتح فلسطين واجب على الحكام و ليس على العامة ، و لقد قام به يوما "عمر بن الخطاب" ثم غزاها الصليبيون ثم فتحها مرة أخرى "صلاح الدين" بعد ثمانين عاما ، ثم سلمها الملك المعظم الأيوبي للصليبيين مرة أخرى ثم فتحها جيش من مسلمي خوارزم (آسيا الوسطى) ، ثم غزاها الإنكليز و بقيت تحت سلطتهم حتى أسلموها للإسرائيليين و لهم فيها اليوم دولة عمرها سبعون عاما تقريبا.
و الواجب هو فتحها على يد حكام المسلمين و هو واجب على جميع حكام المسلمين و ليس على حكام سورية فقط و أكيد هو ليس واجبا على شعب سورية و عوام السنة فيها ، و إن عدم القدرة على فتحها يعني أن السنة في سورية اليوم ليسوا متولين من الزحف و لا ناكلين عن الجهاد و ليسوا آثمين خلافا لأجدادهم الذين تقاعسوا عن جهاد الدفع عن الشام ضد الغزو الفرنسي البريطاني.
و طبعا فتح فلسطين ليس أيضا واجبا على سكان المخيمات من السنة في سورية و لبنان الذين فر أجدادهم من القتال و جهاد الفريضة ضد الإنكليز و الإسرائيليين و هم اليوم حسب الشريعة الإسلامية سوريون و لبنانيون و لا يجوز أصلا في الشرع إرسالهم إلى "إسرائيل" ليعيشوا تحت حكمها بحجة ما يسمى "حق العودة" الذي حرموا بإسمه من حقوق أدنى الحيوانات أجلكم الله.
فلسطين اليوم كإسبانية و إيران بلاد غير مسلمة و ليس فتحها بواجب على شعوبنا الضعيفة الفقيرة المستذلة العزلاء لسبب بسيط و هو أنهم لا يقدرون على ذلك ، و البلاد غير المسلمة يجوز مسالمتها قولا واحدا إلا أن تقوم بغزونا و اسرائيل (فلسطين سابقا) لم تفعل ذلك (ففي العام 67 من غزانا كان النصيريون حين سحبوا الجيش ليحتل دمشق و طلبوا من اسرائيل أن تدخل الجولان) و في العامين (82 و 73 غزا النصيريون اسرائيل فتصدت لهم و هزمتهم شر هزيمة فانتقموا من حماة و من مخيمات من يسمون باللاجئين الفلسطينيين).
و اليوم نحن تحت نيران الغزاة الشيعة و النصيريين و هم يقتلوننا بوحشية و تلذذ و استمتاع لم يحصل مثله في التاريخ و لم يحلم الإسرائيليون يوما بأن يفعلوا مع من يحاربهم و لا واحدا بالألف مما يفعله النصيريون و الشيعة بنسائنا و أطفالنا ، و الواجب علينا القتال فريضة على كل واحد منا و أيضا على كل المسلمين في جوارنا واجب و فريضة أن يقاتلوا دفاعا عنا و نصرة لنا ، و لكن أكثرنا ناكل عن فريضة الجهاد إما لجهل أو لجبن أو لضعف أو عمدا و خيانة ، و جيراننا المسلمون يحاربوننا مع النصيريين و الشيعة بنذالة ما بعدها نذالة ، فمثلا أردوغان النذل يمنع إيصال السلاح و الدواء و الميرة لأهلنا و يفتح حدوده لسلاح الشيعة ليصل إلى جيوشهم في سورية ، و الدول العربية حدث و لا حرج عن نذالاتهم و هي لا تحتاج لبيان و ما زالت رفسات دابتهم تؤلم وجوهنا ، و هم إن قدموا لنا العون فلن يكون كافيا لهزيمة الغزاة الشيعة لأنهم أقوى بكثير من أن يهزمهم مجاهدونا بتدريبهم المتواضع و بأسلحة فردية و طبعا العربان لن يقدموا لنا أكثر من بضعة بنادق و مضادات دروع لنواجه بها الطائرات و الصواريخ ، و من ثم لتتحول بلادنا إلى ساحة حرب يقاتل عليها العربان ضد إيران بفتات أموالهم و بجميع لحومنا و عظامنا ، ثم ليذهب العربان إلى المصايف و السياحات في بلاد الكفر و ليموت خيرة شبابنا و لتتدمر مدننا و تسحق لحومنا بدلا من الخليجيين ؟!!..
إذا نحن مضطرون كما قال علماؤنا إلى التدخل الخارجي و إلى الإستعانة بغير المسلمين من الدول القادرة على عوننا و لها في ذلك مصلحة ، و هذا جائز للضرورة و نحن الآن أهلها ، و الغرب فقط من يقدر على إغاثتنا ، إلا أن "اسرائيل" تمنع الغرب من فعل ذلك لأن قادتها لا يريدون أن يستبدلوا "النصيريين" حلفاء الأمس بمن يتوعد "إسرائيل" بالدمار و الزوال بعد تحرير سورية من سفهاء "الإخوان المتشيعيين" و بقايا القومجية و أشباه البعثيين، و لو كنا نحن مكان الإسرائيليين و عدو لنا يغزوهم و يبيدهم فلن ننصرهم عليه إن علمنا أنهم سيقاتلوننا بعد تخلصهم منه ، فلماذا نتوقع منهم أن يفعلوا ذلك ؟؟!.
من لطف الله أن "إسرائيل" و من ورائها الغرب اليوم تخشى جدا من الشيعة الإيرانيين و من قنبلتهم النووية التي تشكل فعلا تهديدا حقيقيا لشعبها ، فـ "خامنئي" لن يتأخر في تدمير "إسرائيل" (و جوارها طبعا سورية و نصف مصر و الأردن و الحجاز) بالنووي بمجرد أن يحصل عليه طمعا في أن يجمع سذج المسلمين حول قيادته توصلا لإستيلائه على مكة و المدينة حتى يخرج مهدي الشيعة المزعوم و يعيد الشيعة الموتى إلى الحياة و يبيد السنة و تتحول الكرة الأرضية إلى مملكة الشيعة الأبدية.
إذا مصالح "إسرائيل" و أمنها اليوم تتوافق مع إبعاد الشيعة عن "سورية" و "لبنان" و هذا بالضبط ما يتمناه السنة في سورية و لبنان و لكن من يدعون قيادة السنة في سورية من أمثال "أحمد رمضان" و "بيانوني" و "غليون" يقولون للغرب " أنقذونا من الشيعة حتى نذبح ابنتكم المدللة اسرائيل !!" فهل رأيتم أحمق من هؤلاء ؟؟ و هل سمعتم بأسفه منهم هذا إن لم يكونوا و هم كذلك خونة مأجورون يعملون لحساب الشيعة و النصيريين ليحموهم من تدخل غربي يطردهم من سورية و لبنان.
و طالما أن الإستغاثة بالحلف الأطلسي واجبة للتصدي للشيعة الذين لا يتوقفون عن قتلنا و لو سجدنا لهم (و قد تخلى عنا المسلمون) و طالما أن هذه الإستغاثة تتضمن الإستغاثة باليونان (إيالة عثمانية سابقة) و إسبانية (الأندلس سابقا) و هما تماما كـ "اسرائيل" و هي "فلسطين" سابقا فالاستغاثة بـ "إسرائيل" جائزة تماما و هي ضرورة ، و ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب و لن يقبل الغرب إغاثتنا إلا بعد أن نتفاهم مع "إسرائيل" على ما يضمن لها أننا لن نسعى لتدميرها و حربها إن سمحت للغرب بإغاثتنا و إذا فالتفاهم و التواصل و الإتفاق مع الإسرائيليين جائز و واجب إن لم يكن إنقاذنا ممكن إلا به ، و لا بد أن نتخذ كل الإجراءات اللازمة لإنجاح هكذا اتفاق لأنه وحده الكفيل بإنقاذ ملايين منا من الذبح و التشرد ..
و الذي لا يعجبه هذا الكلام ليرد علينا بالشرع (من فقه المذاهب الأربعة فقط) و العقل بدون خيالات و شعارات و حكايات أبو زيد و عنترة لأننا لا سعة في صدرنا للحماقات و للهذر و السفسطة و للشعارات التافهة و لا لفقه عصابات الإخوان الشيعة التافهين الخنفشاري و لا لهرطقات السلفنجية جماعة سنخوض معاركنا معهم ..
اللجنة السياسية لحزب الوطنيين الأحرار السوريين ..
06/03/2012