معادلة المنظومة القيادية لا القيادة الفردية
صحيح أن "القائد واحد.. فالسقاء لا يتمخض إلا عن زبدة واحدة"، ولكنه في منظومة قيادة. القيادة الفردية مهما عظمت ما لم تكن ضمن منظومة قيادة تشاركية حقيقية فهي إما طاقة منفلتة ضائعة، وإما شخصية مستبدة طاغية. وفي غياب الكيان السياسي الجامع لأهل السنة فالطاقات القيادية تذهب سدى، ولا بد لاستثمارها من منظومة تجمعها وتنميها وتسددها وصولاً إلى ذلك الكيان الجامع.
وإذا كان القائد النموذجي هو من امتلك ثلاث صفات: (التأثير، والتحريك، والتوجيه)، فكثير من الرجال والنساء المتميزين في المجتمع إنما يمتلكون واحدة أو اثنتين من هذه الصفات، ولا يبلغون الكمال فيها مجتمعة.
المنظومة القيادية هي المعادلة التي تجيب على هذا النقص فتحيله كمالاً.
وذلك نوع من الاستجابة لقانون (التكامل) الكوني. فتضع كل عامل – رجلاً كان أو امرأة - في مكانه، وتنمي خبرته حسب ما يحسنه وينشرح له صدره وتتفتح له طاقاته. فيكون مثلها كشركة تصنع منتجاً معيناً يتولى كل قسم من أقسامها تصنيع جزء منه، ثم تجمع الأجزاء في كيان واحد ليتم تصنيع ذلك المنتج.
الثقافة الاضطهادية ثقافة متخلفة؛ تتطلع إلى القائد الفرد بحيث تجد نظرها على الدوام مشدوداً إليه ومقصوراً عليه، فتسقط دوماً في مطب (الصنمية) الخطير. في مشروعنا نعمل طبقاً لمعادلة (المنظومة القيادية)، التي تسلك في نطاقها الطاقات جميعاً مع مراعاة درجاتها من السلّم التراتبي على تنوع مراتبها. وبذلك يتحول جميع أفراد المنظومة - على اختلاف قابلياتهم - إلى طاقة قيادية منسجمة ومتساندة مع بعضها في نسيج واحد للقيادة. وهذا قمة النماء والتطور والرقي.
إن هذا النهج التقدمي يستدعي من المؤسسة القيادية أن تضع في حسابها تنمية خبرات أعضائها حسب قابلياتهم، فيتطورون نوعياً ويتكاملون فيما بينهم كل من موقعه الذي يتناسب وقابليته، ويترقى مع عطائه. وخلال المسير قد تكتمل الصفات الثلاث عند من لم تكن فيه مجتمعة.
على هذا النهج سار النبي (صلى الله عليه وسلم)، فقد رعى الطاقات المسلمة بأن هيأ لها المنظومة أولاً، ثم أطلق لها الحرية في أن تختار موقعها من المنظومة، ورعى هذا الاختيار ووجهه وسدده. مع الأخذ بنظر الاعتبار أنه لم يكره أحداً على العمل في غير مجاله الذي يحسنه، ووظيفته التي خُلق لها. فهو القائل (صلى الله عليه وسلم): (اعملوا فكل ميسر لما خلق له)([1]). وفي مثله قال تعالى: (قُلْ كُلٌّ يَعمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ) (الإسراء:84). قال الراغب الأصفهاني في (مفردات ألفاظ القرآن الكريم): أي: على سجيته التي قيدته، وذلك أن سلطان السجية على الإنسان قاهر؛ فالسجية فعل الخالق عز وجل، والعادة فعل المخلوق، ولا يبطل فعل المخلوق فعل الخالق.
وهذا كما قال صلى الله عليه وسلم: (كل ميسر لما خلق له).إ.هـ.
لم يكلف النبي (صلى الله عليه وسلم) حسان الشاعر حمل السيف، لأنه خلق للسان ولم يخلق للسنان. إنما شجعه كشاعر ورعاه وأكرمه وجعله يحتل منزلته الاجتماعية والتغييرية اللائقة بموهبته، وكان المجتمع مدركاً لأثر هذا التفاوت في الخلق، وواعياً بما فيه الكفاية لأن يحترم حسان كشاعر لا كمقاتل. وكان خالد بن الوليد قائداً عسكرياً ولم يكن عالماً ولا شاعراً. وكان من الصحابة من يحسن أكثر من عمل في معادلة التغيير؛ فأبو هريرة – مثلاً - كان عالماً يروي الحديث، وفي الوقت نفسه كان مقاتلاً يحمل السيف يذود عن دولة الإسلام، ثم كان أميراً على البحرين على عهد سيدنا عمر بن الخطاب. ومن الصحابة من جمع القيادة من أطرافها كالشيخين وأضرابهم.
وهكذا كان الشأن مع النساء على عهده(صلى الله عليه وسلم) . فمنهن من كملت كخديجة ومنهن من قاربت كأسماء، ومنهن من حملت السيف كأم عمارة، ومنهن دون ذلك. وقانون (المنظومة القيادية) كفيل بتوزيع الطاقات على سلمه التراتبي لتظهر نتائجها الجمعية وكأنها نابعة من جسد واحد، يتجلى فيه قول النبي (صلى الله عليه وسلم): (إن المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضاً) وشبك أصابعه([2]).
[1]- متفق عليه.
[2]- متفق عليه، واللفظ للبخاري.
ماهو المشروع السُني ؟ مع المجاهد الدكتور طه الدليمي على قناة صفا
#حرب_الإمدادات مع المجاهد الدكتور أحمد جمعة على قناة السوري الحر
أنا سنّي .. مشروعي سنّي .. مرجعيتي سنّية.
لا قضية بلا هوية لا سياسة بلا مرجعية.
هويتنا سنّية و مرجعيتنا مشيخة الإسلام في بلاد الشام.
شام شريف "صوت الأكثرية السنّية"
دمشق 17/12/2015